هانى عراف جديد
عدد الرسائل : 6 تاريخ التسجيل : 13/06/2007
| موضوع: قصة اغرب من الخيال 22.06.07 9:02 | |
| هي فتاة لم تبلغ عامها العشرين بعد، لم ترَ والدها, فقد توفي يوم ولادتها. وأمها التي لا تكاد تعرفها, فهي من حفل إلى آخر ومن سفرة إلى أخرى. لم تعرف في بيتها الصغير إلا أخاها الذي يكبرها بعامين, تحبه بشكل كبير على الرغم من قسوته, فهو دائم التهجم عليها ولا يناديها باسمها إلا نادرا, يصرخ عليها لأتفه الأسباب, ويصفعها مرات كثيرة.
لطالما دمعت عيناها حسرة عندما تسمع من صديقاتها عندما يتحدثن عن إخوتهن, فتلك أخوها لا يطيق أن يراها حزينة, وهذه أخوها لا ينسى مناسبة إلا وأدخل في قلبها السعادة بهدية, وأما تلك فأخوها لا يخطو خطوة حتى يستشيرها.
كم كانت تتحسر وتتمنى أخا مثل إخوتهن وتتباهى به أمامهن, فأخذت تتخيل بأن أخاها قد حاز كل المميزات, حتى أنها كانت تكتب الخواطر والقصص في معاملته الأخوية المثالية, بل كانت تطلب من خادمتها أن تتصل على هاتفها النقال عندما تكون عند صديقاتها فتتظاهر بأنه أخوها وتتظاهر أكثر بأنه سيأتي ليأخذها, وهي كل يوم تعود مع السائق.
مع هذه الحسرات والشوق إلى عائلتها, تعرفت إليه في فضاء الإنترنت. كان حديثهما قليلا لا يخلو من السلام والسؤال عن الأحوال. وذات يوم غاب عنها ولم يظهر كما تعودتْ أن تراه, فأحستْ بشيء في داخلها, كأنها اشتاقتْ, بل لربما أحبته. أخذتْ تنتظره بفارع الصبر. وبعد مرور يومين رأته في برنامج المحادثة. تحدثتْ معه بشوق وسألته عن هذا الغياب المفاجئ, فبادلها شوقها أضعاف, وقال: جاءتني حالة طارئة اضطررتُ إلى المكوث في العمل, لكن لم أكن أعلم بأن شوقي إليكِ سيصيبني بالجنون.
طال حديثهما ساعات وهو يخبرها عن حقيقة شعوره تجاهها. وجدتْ فيه ما كانت تبحث عنه: الحب والأخوة والخوف عليها. كانا يجلسان طويلا وهما يتحدثان عن أمور مشتركة بينهما, وكانت تضحك كثيرا من مواقفه مع مديريه. كان يهتم بها كثيرا ويرسل لها رسالة إلى بريدها الإلكتروني إذا اضطر ألا يدخل الإنترنت. وعدها بالزواج. أقسم لها بأغلظ الأيمان بالسعادة, وأنه سيكون لها الزوج والصديق والصاحب والرفيق. قال بأنه لن يسمح لنفسه بأن يجعلها تبكي.
اتفق كلاهما على ألا يتدخل أي منهما في عائلة الآخر. وعندما أراد أن يحادثها بالهاتف, قاطعته بأنها تفضل اللقاء في مكان عام, وأقنعته بأن يلبس لبسا معينا حتى تعرفه به, وفضلتْ ألا يراها. كان مستعدا لفعل أي شيء من أجلها, لذلك وافق على الفور واتفقا على يوم اللقاء, وكان في مركز تجاري.
أخذتْ تنتظره وهي تمني نفسها بالأحلام, وكيف ستعيش لأول مرة حياتها, وأنها ستكّون عائلة متحابة متفاهمة, ولن تسمح بالتفرقة بين أبنائها... قطع أحلامها رجل يلبس ثوبا أبيض اللون مع شماغ أحمر وبيده مسبحة صفراء ويقف أمام باب المركز التجاري. إنه هو. أخذتْ تردد بينها وبين نفسها وهي لا تكاد تخفي فرحها تارة وخجلها وترددها تارة أخرى. لم تتخيل أبدا بأنه سيكون بهذه الأناقة والقامة الطويلة. اقتربتْ أكثر لرؤيته. رنّ هاتفه النقال. تحدث بصوتٍ عالٍ. ارتبكتْ مكانها. شلتها المفاجأة, فصوته وشكله لم يكونا غريبان عليها. لم يكن هذا الحبيب إلا أخاها الذي يتعامل مع أخته كأنها عدوة ويعامل الحبيبة كأنها ملكة.
| |
|